تعد الهجرة إحدى الظواهر الاجتماعية المعاصرة، التي وصلت حدتها القمة وأصبحت تدق ناقوس الخطر بالمعنى الأصح، أصبحت تمثل منطقا لا غنى عنه في عقول الشباب الذي تحول بينه وبين تحقيق مطامعه العديد من العراقيل والحواجز، وبدوره يحاول اختزالها والحد من وطأتها مستندا إلى مرجعية وخلفيات متخلفة مفادها أن الكل يعالج بهذا المنطق المتدني. وتعد أكثر الدول التي حقنت بهاته الحقنة الخبيثة دول العالم الثالث دون أن يتم إيجاد مصل مناسب لها.ولكي تتم معالجة هذه الظاهرة بكيفية سليمة وشاملة لجميع جوانبها سنتطرق أولا إلى ذكر الأنواع المتفرعة عن هذا المفهوم العام، ونذكر منها الهجرة الداخلية والتي تتمثل بالأساس في نزوح القرويين إلى المدن بحثا عن معين خصب للعيش في ظروف جيدة، لكن يقع العكس بحيث يصطدمون بواقع مرير يحثم عليهم العيش في أحياء من القصدير أشبه بعلب سردين مصبرة منتهية الصلاحية ومفتقدة لجميع شروط الصحة والسلامة من ضعف البنية التحتية، وانعدام المرافق العمومية ومؤسسات التعليم وغير دالك. وهناك نوع آخر من الهجرة وهي الهجرة الخارجية السرية بحيث تعتبر ظاهرة متفشية بوتيرة سريعة أشبه بفيروس تسرب إلى القلب النابض للمجتمع. الذي هو الشباب واستقر فيه وأصبح يلازمه حتى تهدمت بنياته الأساسية، ولم يبقى منه إلا الإطار. تستطيع مجتمعاتنا الحفاظ على ديناميتها وحركتيها المعتادة إن ظل شبابها في قلبها. ولكي يتم هذا المراد ويتحقق هذا الهدف الأسمى يجب عليها أن تخلق محفزات الجدب لا التنفير. بدل أن يغامر شبابها بأغلى وأثمن كنز في الوجود وهو الحياة، ويتم تقييدها بقيود الأمل والطموح والرغبة في تحقيق أحلام عدة توضع في قوارب الموت ويلقى بها في بحر النجاة أو الغرق. لكن هذا المصير لا يتم برغبتهم المطلقة، فكيف لهم إذا أن يعيشوا في جو من الفقر والبطالة وكذا التشتث العائلي؟هناك نوع آخر من الهجرة والمتمثل في هجرة الأدمغة، وهي هجرة الشباب الحاصل على شواهد وديبلومات وذلك بسبب انعدام فرص عمل ملائمة. فتعد هاته الأسباب الجدار المشكل لهرم الهجرة .هكذا يمكن الخروج بأسئلة معقدة لازالت تطرح لحد الآن ولم يتم الإجابة عنها مثل:هل ستصبح مجتمعاتنا مسيرة من طرف العنصر النسوي دون الآخر؟ أيمكن أن يكون سبب العزوف عن الزواج قلة الشباب الذي اتخد مقره بالخارج وأصبح مهووسا بهاجس الهجرة للخروج من مشاكله الإجتماعية المزرية؟ي بلده الأم .
الحياة اهنية